الطرف الثاني: الذين غَلَوا في إثبات الشفاعة، وهم القُبُوريون
والخرافيون الذين يتعلقون بالأموات، ويطلبون منهم الشفاعة، ويَدْعُونهم، ويذبحون
لهم، ويَنذرون لهم! وإذا قيل لهم: هذا شرك! قالوا: هذا طلب للشفاعة! كما قال
المشركون الأولون: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ
مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا
عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يونس: 18].
فهم غَلَوا في إثبات الشفاعة حتى طلبوها من غير الله، طلبوها من الموتى
والمقبورين. وطلبوها أيضًا لمن لا يستحقها، وهم أهل الشرك والكفر بالله عز وجل.
الوسط: أهل السُّنة والجماعة توسطوا - كما هي عادتهم، الوسطية في كل الأمور -
ولله الحمد - فلم ينفوا الشفاعة مطلقًا كما نفتها الخوارج والمعتزلة، ولم يثبتوها
مطلقًا كما غلا في إثباتها القبوريون والخرافيون.
· والشفاعة ستة أنواع:
* منها ما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم. ومنها ما هو مشترك بينه وبين
غيره من الملائكة، والأولياء والصالحين، والأطفال الأفراط الذين يشفعون.
· فأما الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو:
الشفاعة الأولى: الشفاعة العظمى، وهي المقام المحمود، وذلك حينما يتقدم
الناس في الموقف، موقف الحشر، ويطلبون من الأنبياء أن يشفعوا لهم عند الله في أن
يريحهم من الموقف؛ لأنه طال عليهم