الوقوف، مع ما هم فيه من
الحرِّ والضيق وطول الوقوف، حيث يقفون خمسين ألف سنة!!
فيتقدمون ويطلبون من آدم عليه السلام أبي البشرية أن يشفع لهم عند الله في
أن يَفصل بينهم ويريحهم من الموقف، فيعتذر آدم عليه السلام. ثم يطلبونها من نوح
عليه السلام أول الرسل، فيعتذر، فيطلبونها من إبراهيم عليه السلام فيعتذر،
ويطلبونها من موسى عليه السلام فيعتذر، ويطلبونها من عيسى عليه السلام فيعتذر.
ثم يطلبونها من محمد صلى الله عليه وسلم فيستعد لها، ويقول: «أَنَا لَهَا، أَنَا لَهَا» ([1]).
وبعدما يطلبونها من أولي العزم كلهم ويعتذرون إلاَّ نبينا محمدًا صلى الله
عليه وسلم فإنه يَقبل أن يشفع لهم عند الله، فيَخِر ساجدًا تحت العرش، فيدعو ربه
عز وجل ويحمده، ولا يزال كذلك حتى يقال له: «يَا
مُحَمَّدُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ([2])، فيشفع عند الله في
أهل المحشر، في أن يَفصل الله بينهم بحكمه، ويريحهم من الموقف، ويَقبل الله
شفاعته.
فهذا هو المقام المحمود، الذي قال الله عز وجل فيه: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإسراء: 79]، وهو الذي يحمده عليه الأولون والآخِرون؛ إظهارًا لفضله وشرفه صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف العظيم.