«أحاجُّ»: فعل مضارع مرفوع
إذا عَري عن الناصب والجازم، ويكون استئناف كلام: «أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» أي: أشفع لك بها عند الله يوم
القيامة؛ لأن شفاعته صلى الله عليه وسلم لأهل التوحيد، فإذا قال عمه هذه الكلمة
صار من أهل التوحيد ومن أهل الشفاعة.
فدل هذا على أن من مات على غير التوحيد فإنه لا تناله شفاعة الشافعين،
ومنهم أبو طالب، وأنه لا تنفعه قرابته من الرسول صلى الله عليه وسلم إلاَّ إذا مات
على التوحيد.
أما إذا مات على غير التوحيد فلن تنفعه الشفاعة ولو كان من قرابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
فهذا فيه رَدٌّ على الذين يتعلقون بقرابتهم من رسول الله، ويقولون: نحن من
أهل البيت، ونحن، ونحن!! ولا يحققون التوحيد، فإن كونهم من أهل البيت لا ينفعهم
شيئًا إلاَّ مع التوحيد.
فهذا أبو طالب لا يحاج له الرسول عند الله إلاَّ إذا مات على التوحيد، فيا
لَها مِن بينة ما أَوْضَحَها!
فقال له الرجلان المخزوميان حضرة السوء: أتَرغب عن ملة عبد المُطلب؟! أي:
عبادة الأصنام.
فهؤلاء المشركون فهموا أنه لو قال: «لا
إله إلاَّ الله» فإنه بذلك يتبرأ من عبادة الأصنام؛ لأن كلمة «لا إله إلاَّ الله» تَنفي وتُبطل عبادة
الأصنام. فهم يمتنعون من قولها من أجل ذلك؛ لأنها ليست مجرد لفظ يقال باللسان، بل
لها معنى وهو ترك عبادة الأصنام.