ولهذا لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» قَالُوا: أَجَعَلَ الآْلِهَةَ
إِلَهًا وَاحِدًا؟! ([1]) يعني: يريد منا
ألاَّ نعبد إلاَّ إلهًا واحدًا ونترك الأصنام! قال عز وجل: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ
لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥وَيَقُولُونَ أَئِنَّا
لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦﴾ [الصافات: 35- 36].
فهم فهموا أن كلمة «لا إله إلاَّ
الله» يلزم منها ترك الآلهة غير الله عز وجل. هذا وهم مشركون!
وهؤلاء الذين يَعبدون القبور الآن - ومنهم علماء - لا يفهمون معنى «لا إله إلاَّ الله»؛ ولذلك يقولونها وهم
يعبدون القبور، ما فهموا منها أنها تنفي عبادة القبور، وأنها تُبطل عبادة القبور!
فهذا من العجب!! أن المشركين الأولين يعرفون معنى «لا إله إلاَّ الله»، وأنها تُبطل عبادة القبور، وأن مَن قالها يلزمه
أن يترك عبادة غير الله عز وجل؛ فلذلك أَبَوا أن يقولوها! وهؤلاء يقولونها بالآلاف
ولكنهم يناقضونها بالأفعال! فيَدْعُون الموتى ويستغيثون بهم، ويطوفون بالأضرحة،
ويذبحون وينذرون ويحجون للقبور، وما فهموا أن عملهم هذا تبطله «لا إله إلاَّ الله» التي يقولونها، فهذا
من الَعجب العُجاب.
قال: «فَقَالاَ لهُ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟!»؛ لأنه إذا قال هذه الكلمة فقد رَغِب عن ملة أبيه عبد المطلب، فهم يريدون بقولهم هذا الاستعطافَ، وأنه لا يجوز له يخالف ملة عبد المطلب، ويزعمون أن في هذا عيبًا لعبد المطلب، من باب إثارة النخوة الجاهلية فيه.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3232)، وأحمد رقم (16023)، والحاكم رقم (39)، والطبراني في الكبير رقم (4582).