إلاَّ بهذا، كلهم يحتجون
بما عليه آباؤهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ
لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ
أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾ [البقرة: 170]، أي: ما
وجدنا عليه آباءنا، ﴿وَكَذَٰلِكَ مَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ
إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم
مُّقۡتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23] أي: على دين.
هذه حُجة المشركين، يتمسكون بما عليه الآباء، ويتركون ما جاءت به الرسل.
فهذا فرعون يقول لموسى: ﴿قَالَ
فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ﴾ [طه: 51]، موسى عليه السلام يدعوه إلى التوحيد وعبادة
الله، وهو يحتج بما عليه القرون الأولى.
فهي حُجة مضطردة عند المشركين: الاحتجاج بما عليه الآباء والأجداد، وهذه هي
التي أهلكت الأمم.
فيجب على الإنسان أن يتبرأ من هذه الحُجة، ويكون هدفه الحق والنجاة من
النار، فإذا رأى أن مَن يعظمهم على باطل، فلا يتعصب لهم، ولا تأخذه حَمِية
الجاهلية لنصرة مذهبهم، وتَرْك الحق وهو يعلمه، فهذا هو الذي أهلك الأمم السابقة،
عارضوا الأنبياء بهذه الحُجة.
ولهذا فإن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه
الله يسميها: «الحُجة الملعونة»، هذه
هي الحُجة الملعونة التي هي من أعظم مسائل الجاهلية - والعياذ بالله - حيث يحتج
أهل الباطل بما عليه الآباء والأجداد، ويتركون الحق تعصبًا وحَمِية لهم ولمذهبهم.
وهذا يشمل كل مَن تعصب للباطل.