قوله:
«يَا عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»: أَمَره بقولها لِعِلْم أبي طالب بأنها
دلت على نفي الشرك بالله، وإخلاص العبادة له وحده؛ فإن مَن قالها عن علم ويقين
وقَبول فقد أنكر الشرك وتبرأ منه. وكذلك الحاضرون يعلمون بما دلت عليه من نفي
الشرك والبراءة منه؛ ولهذا عارضوا قول النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم:
«أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟!» لأن ملة عبد المطلب الشرك بعبادة
الأوثان، كما كانت قريش وغيرهم في جاهليتهم كذلك.
قوله:
«كَلِمَةً»: قال القرطبي: بالنصب على أنه بدل من «لا إله إلاَّ الله»، ويجوز الرفع
على أنه خبر مبتدأ محذوف.
قوله:
«أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ»؛ لأنه لو قالها في تلك الحال لقُبلت منه
ودخل بها في الإسلام.
قوله:
«فَقَالاَ لهُ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟!» ذَكَّراه الحُجة
الملعونة التي يَحتج بها المشركون على المرسلين؛ كقول فرعون لموسى: ﴿قَالَ
فَمَا بَالُ ٱلۡقُرُونِ ٱلۡأُولَىٰ﴾ [طه: 51]، وكقوله عز وجل: ﴿وَكَذَٰلِكَ
مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ
مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ
ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ﴾ [الزخرف: 23].
**********
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا عَمِّ»، هذه كلمة استعطاف وتأدب
وتلطف معه.
وهكذا ينبغي على الداعية أن يتلطف مع المدعو، خصوصًا إذا كان من أقاربه؛
فإن أقاربه أَوْلى بدعوته وأَوْلى بحرصه على هدايتهم؛