وجرى
في نجد قبل هذه الدعوة مثل هذا، وفي الحجاز واليمن وغيرهما من عبادة الطواغيت
والأشجار والأحجار والقبور ما عمت به البلوى؛ كعبادتهم للجن وطلبهم الشفاعة منهم.
والأصل في ذلك: الغلوُّ بتزيين الشيطان.
وذَكَر
أهل السِّيَر أن التلبية من عهد إبراهيم عليه السلام: «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ
لَبَّيْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ»، حتى كان عمرو بن لُحَي الخُزاعي، فبينما
هو يلبي تَمَثَّل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه، فقال: لبيك لا شريك لك! فقال
الشيخ: إلاَّ شريكًا هو لك! فأنكر ذلك عمرو وقال: ما هذا؟! فقال الشيخ: تَمْلِكه
وما مَلَك، فإنه لا بأس بهذا! فقالها عمرو، فدانت بها العرب.
**********
هذا الحديث في تفسير ابن عباس
للآية الكريمة، وهي قوله عز وجل: ﴿وَقَالُواْ
لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ قال: هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا
حزنوا عليهم وفقدوهم.
فاستغل الشيطان هذه الفرصة وأوحى إليهم: أن صَوِّروا صورهم وانصِبوها على
مجالسهم حتى تتذكروا أحوالهم!
فهو جاءهم من طريقٍ ظاهره النصح وباطنه المكر والخديعة، فأظهر لهم أنه
يحثهم على العبادة، وأن هذه الصور فيها مصلحة؛ لأنها تُذكِّر بأحوال الصالحين،
فتُنشط على العبادة، وهو يقصد غير ذلك؛ يقصد أن هذه الصور في المستقبل تكون
أصنامًا! ففعلوا ما أوحى به إليهم، وصوروا صورهم ونصبوها.