والأنصاب: جمع «نُصُب»، وهو
الصورة التي تُعَلَّق أو تُنحت من الحجر أو من الطين.
ومثلها اليوم: الصور التي يعلقها بعض الناس ويعظمونها ويقولون: هذه
للذكريات!
وهذا هو فعل قوم نوح، وإن كانوا في الوقت الحاضر لا يعبدونها، لكن يأتي وقت
في المستقبل يزين الشيطان لأهل الأرض أن هذه الصور تنفع وتضر فيعبدونها. فإذا قُرن
السبب وُجدت النتيجة فيما بعد، وإذا قُطع السبب فإنه لا توجد النتيجة.
والشيطان حريص على إهلاك بني آدم، وله نظر بعيد، فهو لا ينظر إلى الجيل
الحاضر؛ لأنه يعلم أن الجيل الحاضر لن يعبدوا هذه الصور؛ لأنهم يعرفون التوحيد ويعرفون
الشرك، وفيهم العلماء؛ لكن يكتفي منهم بنَصْب الصور بزعم أنها تُذكِّر بأحوال
العُبَّاد والمجتهدين، ويُظهرها بمظهر النصيحة والعبادة.
ثم إذا مات هذا الجيل، وفُقِد العلماء الذين يَنْهَون عن الشرك، وجاء جيل
جاهل، جاءهم الشيطان وقال: هذه تنفع وتضر!! فعبدوها، كما حصل لقوم نوح تمامًا.
وهذا دليل على أن البدع لا تجوز، وإن كان ظاهرها الخير، وإن كانت نية
أصحابها الخير.
قوله: «حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ
ونُسِي العِلْمُ عُبِدَتْ»، وفي رواية: «تَنَسَّخَ
العِلْمُ»، يعني: مات العلماء الذين يُحذرون من الشرك، «عُبِدَتْ» أي: الصور؛ لأن الشيطان جاء إلى مَن بعدهم وقال: إن