×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

فسبب الحديث: أن الصور أوقعت الأمم في الشرك، كما حصل في قوم نوح، وكما حصل في قوم إبراهيم، حيث كانوا يعبدون التماثيل، وهي الصور: ﴿مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ [الأنبياء: 52]، وكذلك اليهود لما صَوَّر لهم السامري صورة عجل فعبدوه من دون الله عز وجل، قال عز وجل: ﴿فَأَخۡرَجَ لَهُمۡ عِجۡلٗا جَسَدٗا لَّهُۥ خُوَارٞ فَقَالُواْ هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ [طه: 88]، صَوَّر لهم تمثالاً على شكل عجل من البقر، فعبدوه من دون الله.

فالصور فيها فتن عظيمة، وإن كان الناس الآن يسمونها فنًّا من الفنون، ويتعلمونها على أنها فن، فهي من عمل الشيطان، لا يجوز التساهل في شأنها، ويجب قطع دابرها عن مجتمع المسلمين.

فهذا فعل الشيطان مع قوم نوح، ولما جاءهم نوح ينهاهم عن عبادة هذه الصور تعصبوا لها وقالوا: ﴿لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ [نوح: 23]، كما قال كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن الشرك، قال عز وجل: ﴿وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ [ص: 6]، أي: لا تطيعوا محمدًا.

فدين المشركين واحد من قديم الزمان وحديثه.

قال: «قال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: «لما ماتوا، عكفوا على قبورهم»» يعني: لما مات هؤلاء الصالحون. وهذا تفسير وتوضيح لما قاله ابن عباس رضي الله عنهما. والعكوف هو: طول البقاء في المكان. ومنه: الاعتكاف في المساجد، أي: لزوم مسجد لطاعة الله.


الشرح