المسألة
الثالثة: في أثر ابن عباس تحذير من التصوير ونشر
الصور؛ لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، فأول شرك حدث في الأرض هو بسبب الصور المنصوبة،
وهذه إحدى عِلتَي تحريم التصوير.
· لأن التصوير ممنوع لعلتين:
العلة الأولى: أنه وسيلة إلى الشرك.
العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله سبحانه وتعالى.
وقد قال عز وجل - كما في الحديث القدسي -: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي؟
فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً»
([1]).
فالمُصوِّر يحاول أن يضاهي خلق الله عز وجل بإيجاد الصورة؛ فلذلك يجعل لها
أعضاء، ويجعل لها عينين، ويجعل لها أنفًا، ويجعل لها شفتين، ويجعل لها وجهًا،
ويجعل لها يدين، ويجعل لها رِجلين! يضاهي خلق الله، إلاَّ أنه لا يَقدر على نفخ
الروح فيها. ويجعل الصورة على شكل ضاحكة، أو على شكل باكية، أو شكل مُقَطِّبة
الجبين أو مسرورة! كل هذا مضاهاة لخلق الله.
وإن كانوا يسمون هذا من باب الفنون، وهي فنون شيطانية، والجنون فنون،
فتسميته من باب الفنون لا يُسوِّغ عمله، والتصوير ملعونٌ مَن فَعَله.
ففيه: التحذير من التصوير ونَصْب الصور؛ لأن ذلك يَؤُول إلى الشرك بالله عز وجل، وهذا أعظم العلتين في النهي عن التصوير ونَصْب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5953)، ومسلم رقم (2111).