الصور، لاسيما صور
المُعظَّمين من الملوك والرؤساء ومن الصالحين والمشايخ إذا نُصِبت، فإن هذا يَؤُول
إلى عبادتها، ولو على المدى البعيد؛ لأن الشيطان حاضر ويستغل الجهل والعواطف.
المسألة الرابعة: في الآية والآثار دليل على تحريم البدع في الدين،
وأنها تَؤُول إلى الشرك؛ ولذلك قال العلماء: البدعة توصل إلى الشرك ولو على المدى
البعيد. وهذه بدعة قوم نوح وصلت إلى الشرك. وهذا شيء واضح.
المسألة الخامسة: فيه دليل على أن حسن النية لا يُسوِّغ العمل غير
المشروع؛ لأن قوم نوح عندما صوروا الصور كانوا يريدون النشاط على العبادة،
وتَذكُّر أحوال هؤلاء الصالحين، ولا قصدوا الشرك أبدًا، وإنما قصدوا مَقصِدًا
حسنًا؛ لكن لما كان هذا الأمر بدعة صار محرمًا؛ لأنه يفضي إلى الشرك ولو على المدى
البعيد. فالنية الحسنة لا تُسوِّغ العمل غير المشروع.
المسألة السادسة - وهي عظيمة جدًّا -: فيه بيان فضيلة وجود العلم
والعلماء في الناس، ومضرة فقدهم؛ لأن الشيطان ما تجرأ على الدعوة إلى الشرك مع
وجود العلم ووجود العلماء، إنما تجرأ لما فُقِد العلم ومات العلماء.
فهذا دليل على أن وجود العلم ووجود العلماء فيه خير كثير للأمة، وأن فقدهم
فيه شر كثير.
المسألة السابعة: فيه التحذير من مكر الشيطان، وأنه يُظهر الأشياء
القبيحة بمظهر الأشياء الطيبة حتى يغرر بالناس. هذا من ناحية.