وإنما طريق النجاة هو الاعتدال والاستقامة، قال عز وجل: ﴿فَٱسۡتَقِمۡ كَمَآ أُمِرۡتَ
وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡاْۚ﴾ [هود: 112].
وما هلكت الخوارج والمعتزلة وعلماء الكلام إلاَّ بسبب غلوهم.
فالخوارج عندهم عبادة عظيمة، حتى إن الصحابة يَحقِرون صلاتهم إلى صلاتهم،
وعندهم قراءة للقرآن كثيرة، لكنهم لم يقتصروا على المشروع، بل زادوا - والعياذ
بالله - حتى هلكوا، وكل مَن فعل هذا فإنه يهلك، والتجرِبة موجودة، وما وصل أحد من
المتنطعين والغلاة إلى النتيجة المطلوبة أبدًا، وإنما يكون سبيلهم الهلاك في
الدنيا والآخرة.
فهذا مما يُحَذَّر منه في هذا الزمان؛ لأن ظاهرة الغلو والتنطع كثرت في
الناس إلاَّ مَن رحم الله عز وجل؛ وذلك بسبب فُشُو الجهل في الناس، وتزيين الباطل
من شياطين الإنس والجن.
فالواجب علينا أن نَحذر من هذا، وأن نَلزم طريق الاستقامة في كل شيء.
والمعتزلة غَلَوا في التنزيه حتى نَفَوا الصفات.
والمُمثِّلة غَلَوا في الإثبات حتى شبهوا الله بخلقه، تعالى الله عما
يقولون.
أما أهل السُّنة والجماعة فقد توسطوا، فأثبتوا لله الأسماء والصفات كما
جاءت، تنزيهًا بلا تعطيل، وإثباتًا بلا تمثيل.