وغرض المتكلم أن يبين للناس أنه فاهم وأنه مثقف، ولو على حساب الحاضرين،
ولو ما فهموا ولو ما عَرَفوا شيئًا.
والمطلوب من الخطيب والمُحاضِر والمتكلم والمدرس: أن يتكلم في حدود ما
يفهمه الحاضرون، وما هم بحاجة إليه في أمور دينهم وفي أمور معاملاتهم وأخلاقهم،
وأن يكون قصده نفع الحاضرين وتعليمهم، ولا يكون قصده إظهار شخصيته وفصاحته، فهذا
هالك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ
الْمُتَنَطِّعُونَ»
فلنَحذر من هذا حينما نتكلم في درس، أو نخطب في جمعة أو عيد أو استسقاء، أو
حينما نلقي محاضرة.
وليراعِ المحاضر والخطيب والمدرس حالة الحاضرين، ويأتي من الكلام بما
يفهمونه ويستفيدون منه، ويختار الموضوع المناسب، والأسلوب المناسب، واللغة التي
يفهمونها.
هذا إذا كان يريد الخير للناس، ويريد تعليم الناس.
أما الذي يريد أن يُظهِر نفسه على حساب الناس، فهذا هو المتنطع، وهذا لا
يفيد شيئًا، ويَخرج كما دخل من غير فائدة. فعلينا أن نتنبه لذلك؛ لئلا نكون من
المتنطعين في الكلام.
وفي الأثر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟!» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (127).