أما التنطع في الاستدلال فهو: طريقة أهل الكلام وأهل المنطق، الذين عدلوا
عن الاستدلال بالكتاب والسُّنة إلى الاستدلال بقواعد المنطق ومصطلحات المتكلمين.
والمنطق، وقواعد المنطق من أين جاءت؟ جاءت من اليونان، استجلبوها
واستعملوها في الإسلام، وتركوا الاستدلال بالكتاب والسُّنة، وزعموا أن الأدلة
السمعية لا تفيد اليقين، وأن الذي يفيد اليقين هو الأدلة العقلية! فبذلك هلكوا.
والواجب أن يكون الاستدلال بالأدلة الشرعية من الكتاب والسُّنة وإجماع
المسلمين والقياس الصحيح؛ كما هو عليه علماء أهل السُّنة والجماعة.
ولهذا يقول الإمام الشافعي رحمه الله: «حُكْمي في أهل الكلام أن يُضْرَبوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في
القبائل والعشائر، ويقال: هذا جزاء مَن تَرَك الكتاب والسُّنة وأقبل على الكلام!!».
فمِن هؤلاء مَن يترك كلام الله وكلام رسوله، ويأتي بقواعد المنطق حتى في
العقائد! وهم يُسمُّون علم المنطق وعلم الكلام: «علم التوحيد»؛ ولذلك وقعوا في الهلاك وضلوا وأضلوا.
وقد انتهى أمرهم إلى الحيرة، كما شهد بذلك أكابرهم، وبعضهم عند الوفاة، حيث
أَشْهَد الحاضرين أنه مات وهو لا يعرف شيئًا! مع أنه أفنى عمره في علم الكلام
والجدل والمنطق.