قال القرطبي: «ولهذا بالغ
المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فأعلوا حيطان تربته،
وسدوا المداخل إليها وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، خافوا أن يُتخذ موضع
قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبَنَوا
جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية
الشمال، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره». اهـ.
قلت:
فبذلك صان الله قبره، وقَبِل دعوته بقوله: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي
وَثَنًا يُعْبَدُ. اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ
أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1]).
**********
قوله: «ولهما» أي: البخاري ومسلم. وهذا يغني عن قوله بعد نهاية الحديث: «أخرجاه».
قال: «عن عائشة رضي الله عنها قالت:
لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم » يعني: نَزَل به الموت؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تُوفي في بيت عائشة رضي الله عنها، فقد كان رأسه
صلى الله عليه وسلم في حجرها وهو في الموت.
قالت: «طَفِقَ» طَفِق: هذا من أفعال الشروع عند النَّحْويين، أي: جَعَل يَفعل كذا. «يَطْرَحُ خَمِيصَةً» أي: يضعها. والخميصة: كساء معروف له أعلام وخطوط، «عَلَى وَجْهِهِ» يغطي وجهه صلى الله عليه وسلم بها، وهو يُحتضَر «فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا» يعني: ضاقت نفسه بسبب الغطاء «كَشَفَهَا» لكي يتنفس عليه الصلاة والسلام.
([1]) أخرجه: مالك في الموطأ رقم (85)، وأحمد رقم (7358)، وأبو يعلى رقم (6681).