×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قالت: «فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ» يعني: وهو يُحتضَر، لم ينسَ صلى الله عليه وسلم تبليغ الأمة، ولم ينسَ أن ينهَى الأمة عن الشرك وهو في هذه الحالة!

وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم وحرصه على التبليغ، حيث لم يشغله ما هو فيه من كرب السياق ومن سكرات الموت عن أداء رسالته صلى الله عليه وسلم، لاسيما وأن أجله قد حضر، فيَخشى أن يعملوا به كما عمل أهل الكتاب بأنبيائهم.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحذر من الشرك وهو في هذه الحالة، فهذا دليل على أن التحذير من الشرك أمر مُتعيَّن، وأنه يجب على الدعاة أن يهتموا بهذا الأمر اهتمامًا بالغًا قبل غيره، قبل أن يحثوا الناس على الصلاة والصيام، وترك الربا وترك الزنا وترك شرب الخمر! قبل ذلك ينهَوهم عن الشرك، لاسيما إذا كان واقعًا في الأمة، فالسكوت عنه من الغش للأمة، فلابد أن يُبدأ به، وأن يُعمل على إزالته قبل كل شيء.

لأنه إذا صَلحت العقيدة صلحت بقية الأعمال.

أما إذا فسدت العقيدة فلا فائدة في الأعمال كلها، ولو تَرَك الربا وتَصَدق بماله، وصلى الليل والنهار، وصام الدهر، وحج واعتمر، وعنده شيء من الشرك الأكبر، فإن أعماله تكون هباءً منثورًا، لا فائدة منها.

أما إذا كان موحِّدًا خاليًا من الشرك، فلو وقع في الكبائر، ولو وقع في الزنا ووقع في الربا ووقع في المحرمات التي دون الشرك؛ فإنه يُرجَى له المغفرة، وإن عُذِّب بذنوبه فإنه لا يُخَلَّد في النار، وهو مؤمن


الشرح