×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قال: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ» ينفي صلى الله عليه وسلم أن يكون له خليل من أصحابه، لماذا؟ لأن الله اتخذه خليلاً. والخُلة: هي أعلى درجات المحبة ولا تَقبل المشاركة.

فهو صلى الله عليه وسلم اكتفى بخُلة الله سبحانه وتعالى فلم يتخذ من أصحابه خليلاً، وإن كان يحب أصحابه حبًّا شديدًا صلى الله عليه وسلم، لكن خُلته صلى الله عليه وسلم خاصة بربه عز وجل؛ لأنها لا تَقبل الاشتراك، فلا يمكن أن يكون خليل الله وخليل أحد من الخلق.

قال: «فَإِنَّ الله تَعَالَى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً»؛ كما في قول الله عز وجل: ﴿وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا [النساء: 125]، هذا ثابت في القرآن، وثبتت خُلة النبي صلى الله عليه وسلم بالسُّنة الصحيحة؛ ولذلك يقال: «الخليلان»: إبراهيم ومحمد، صلى الله عليهما وسلم.

فالخُلة هي أعلى درجات المحبة، ولم ينلها من البشر من الله عز وجل إلاَّ إبراهيم ومحمد، عليهما الصلاة والسلام. أما بقية الأنبياء والمرسلين والمؤمنين والصالحين فإن الله يحبهم، فهو سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب المحسنين ويحب المتوكلين، ولكن لم يتخذ من خلقه خليلاً غير الخليلين: إبراهيم ومحمد -صلى الله عليهما وسلم-.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً...» يعني: لو جاز لي أن أتخذ خليلاً «اتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» فهذا تنبيه على فضل أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه، وأنه أفضل الصحابة، بل أفضل الأمة على الإطلاق! فقد بلغ من محبة النبي صلى الله عليه وسلم له أنه لو جاز له أن يتخذ من أصحابه خليلاً، لاتخذ أبا بكر.


الشرح