×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

«وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ» أي: صور الصالحين، ينصبونها في هذا المكان، من باب الغلو فيهم وتخليد شخصياتهم.

واتخاذ التماثيل تخليدًا للشخصيات من هذا الباب، باب تعظيم الصالحين، أو تعظيم العظماء ولو كانوا من غير الصالحين؛ كالرؤساء والسلاطين والملوك. وهذا لا يجوز في الإسلام لأنه وسيلة إلى الشرك، ولاسيما في مواطن العبادة - كالمساجد وغيرها - فهذا الأمر أشد.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أُولَئِك شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ» أي: الذين يبنون المساجد على القبور. فدل على أن مَن بنى مسجدًا على قبر أو صَوَّر الصور ونَصَبها على القبور - أنه من شرار الخلق.

و«شِرَارُ»: جمع «شر»، وهو أفعل تفضيل، والمراد به: أشد الناس شرًّا. ذلك لأن الذين يبنون المساجد على القبور يفتحون للناس باب الشرك بهذا الفعل، ويتسببون في انحراف الأمة. وما حَدَث الشرك في هذه الأمة إلاَّ بسبب البناء على القبور.

وأول مَن بنى على القبور في الإسلام - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - هم: الشيعة الفاطميون، ثم قلَّدهم مَن قلَّدهم من المنتسبين إلى السُّنة من الصوفية وغيرهم، فبُنيت المساجد على القبور في الأمصار.

ولا تزال الأمة الإسلامية تعاني من شر هذه القبور وفتنتها وحدوث الشرك في الأمة، الذي لا يقره مَن يؤمن بالله ورسوله؛ لأنه شرك صريح!

وأصبحت هذه المساجد المبنية على القبور أوثانًا تُعبد من دون الله، ويظن أصحابها أن ذلك من الإسلام، وأن مَن أنكره فهو خارج عن الإسلام؛ كالذين يقولون: ﴿إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ [الزخرف: 23].


الشرح