×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

والشواهد على خشيته صلى الله عليه وسلم من أن يشق على أمته - شواهد كثيرة.

الصفة الثالثة: ﴿حَرِيصٌ عَلَيۡكُم أى: حريص على ما ينفعكم، وحريص على هدايتكم. حتى قال الله عز وجل له: ﴿لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفۡسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤۡمِنِينَ [الشعراء: 3]، أي: لعلك مُهلِكٌ نفسَك من شدة الحرص على إيمانهم! فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصًا على هداية الخلق، ولا يريد لهم الضلال ولا الكفر. وكان صلى الله عليه وسلم يُعَرِّض نفسه للأخطار من أجل تبليغ رسالته وإنقاذ أمته من النار.

الصفة الرابعة: ﴿بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ بالمؤمنين خاصة، يَرفق بهم ويُشفق عليهم ويحنو عليهم، صلى الله عليه وسلم. أما بالكفار فكان يَغلظ عليهم؛ كما في قوله عز وجل: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ [الفتح: 29]، وقوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ [التوبة: 73]؛ لأن الكافر إذا أبدى العناد فإنه لا يصلح معه اللين. أما في أول دعوته إذا لم يُبْدِ العناد ولم يُبْدِ الامتناع، فإنه يُدْعَى بالحكمة ويُدْعَى باللين لعله يَقبل.

فإذا كانت هذه صفات الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يليق به أن يترك الشرك ويترك وسائل الشرك التي تُفضي إليه ولا يبينها للأمة؟!

الجواب: الذي هذه صفاته لا يليق به أن يترك الوسائل المفضية للشرك ولا يسدها، وهذا هو الشاهد من هذه الآية: أنه إذا كان يتصف بهذه الصفات العظيمة، فلا يليق به أن يتساهل في أمر الشرك، وأن لا ينهَى عنه ولا ينهَى عن الأسباب التي تُفضي إليه.


الشرح