قوله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا
بُيُوتَكُمْ قُبُورًا، وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ
فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» ([1]). رواه أبو داود
بإسناد حسن، ورواته ثقات.
قال
الحافظ محمد بن عبد الهادي: «هو حديث حسن جيد الإسناد، وله شواهد يرتقي بها إلى
درجة الصحة».
نهاهم
صلى الله عليه وسلم أن يهجروا بيوتهم عن الصلاة فيها، كما تُهْجَر القبور عن
الصلاة إليها؛ مخافة الفتنة بها وما يُفضي إلى عبادتها من دون الله؛ لأن النهي عن
ذلك قد تقرر عندهم، فنهاهم أن يجعلوا بيوتهم كذلك.
قوله:
«وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا»: فيه شاهد للترجمة.
قال
شيخ الإسلام: «العيد: اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد، إما بعَوْد السَّنة
أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك».
قال
ابن القيم: العيد: ما يُعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان. مأخوذ من المعاودة
والاعتياد، فإذا كان اسمًا للمكان فهو المكان الذي يُقصد فيه الاجتماع وانتيابه
للعبادة أو لغيرها، كما أن المسجد الحرام ومِنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر - جعلها
الله عيدًا للحنفاء ومَثابة، كما جعل أيام العيد فيها عيدًا. وكان للمشركين أعياد
زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعَوَّض الحنفاء منها عيد الفطر
وعيد النحر وأيام مِنى، كما عَوَّضهم من أعياد المشركين المكانية بالكعبة ومنى
ومزدلفة وعرفة والمشاعر.
**********
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، وأبو يعلى رقم (469)، والطبراني في +الأوسط؛ رقم (8030).