هذا الحديث من الأمثلة
التي سد بها النبي صلى الله عليه وسلم الطرق المفضية إلى الشرك، ذَكَر في هذا
الحديث عدة أمور:
الأمر الأول: «لاَ
تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا»، هذا نَهْي منه صلى الله عليه وسلم للمسلمين
أن يجعلوا بيوتهم قبورًا، يعني: لا يُذكر الله فيها، ولا يُصلَّى فيها، ولا يُقرأ
القرآن فيها، فتكون مثل القبور؛ لأن القبور ممنوع من التعبد عندها: ممنوع من قراءة
القرآن عندها، وممنوع من الصلاة عندها، وممنوع من الدعاء عندها.
فهذا فيه دليل على أنه لا يُصلَّى عند القبور، ولا يُدْعَى عند القبور، ولا
يُتعبد لله أي عبادة عند القبور؛ لأن هذا من وسائل الشرك.
وفيه دليل على مشروعية إحياء البيوت بذكر الله عز وجل، وذلك بصلاة النوافل
فيها؛ كما جاء بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلاَّ
المَكْتُوبَةَ» ([1]).
فصلاة الفريضة تؤدى في المساجد، أما النوافل فالأفضل أن تُصلَّى في البيوت؛
حتى يكون للبيوت نصيب من صلاة العبد، ويكون فيها ذكر الله وتلاوة القرآن.
ففي رواية لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند الإمام أحمد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» ([2]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (731)، ومسلم رقم (781).