×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 وصراعات عقوبةً لهم، وتَسَلط عليهم العدو، فاقتطع مساحات واسعة من بلاد المسلمين في المشرق والمغرب، وتَسَلط عليهم وإن لم يتسلط عليهم بالسلطة السياسية يتسلط عليهم بالاستعمار وبالسلطة الفكرية، فهم تحت سلطة الكفار الآن سياسيًّا وفكريًّا، بسبب أنهم اختلفوا فيما بينهم واستحل بعضهم دماء بعض، وتقاتلوا وتناحروا، فوقع ما تَخَوفه صلى الله عليه وسلم.

والله عز وجل وعد أنهم ما داموا مجتمعين فلن يُسلِّط عليهم عدوهم. أما إذا حصل بينهم اختلاف، وقَتَل بعضهم بعضًا وسَبَى بعضهم بعضًا، فإنه سبحانه يسلط عليهم عدوهم، فوقع كما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

صحيح أنه بعد ذلك قامت دولة بني أمية ودولة بني العباس، وانتشر الإسلام، ولكن لم تَخْلُ الأمة من اقتتالها ومِن فتن فيما بينها، إلى أن جاءت الداهية الدهياء في آخر خلافة بني العباس، فغزا التتار بلاد المسلمين، واستباحوا عاصمة المسلمين بغداد، وقتلوا الخليفة العباسي، وقتلوا من المسلمين مئات الألوف، وأحرقوا كتب المسلمين وألقَوها في نهر دجلة، حتى تَغَير الماء بمداد الكتب وتسللوا إلى بقية البلاد، وحصل من الحروب الطاحنة ما سَجَّله التاريخ.

وكذلك جاء الصليبيون وزحفوا على المسلمين، واستولَوا على الأندلس، وزحفوا إلى بلاد الشام واستولَوا على بيت المقدس، وبقي بيت المقدس نحو مِائة سنة تحت أيدي الصليبين، حتى جاء صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، فخَلَّص بيت المقدس من أيدي الصليبيين.


الشرح