والآن ظهر فيما بيننا مَن يُزهِّد في منهج السلف، ويعتبره من الأمور
الرجعية، ومن الأمور القاصرة، ويريد المسلمين أن ينهجوا مناهج حديثة، ابتكرها جهال
أو ضُلال، يريدون من الدعاة أن يسيروا على هذا المنهج المبتكر المُحْدَث، ويتركوا
منهج السلف الصالح الذي فيه الخير وفيه الصلاح والفلاح!!
فتحقق بذلك ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة بن اليمان
رضي الله عنه، قال: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ
يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ
وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ
شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ:
وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي،
تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ
شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى
أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ:
فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ
المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» ([1]).
فلنَحذر من هؤلاء غاية الحذر؛ لأنه لا نجاة لنا إلاَّ باتباع دعاة الصلاح الذين يَدْعُون إلى منهج السلف الصالح وإلى اتباع الكتاب والسُّنة، هؤلاء هم الخير على الأمة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).