×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 أحدهما: البركة: هي فِعْله، والفعل منها «بارك»، ويتعدى بنفسه تارة، وبأداة «على» تارة، وبأداة «في» تارة. والمفعول منها «مُبارَك»، وهو ما جُعل منها كذلك، فكان مباركًا بجعله تعالى.

والنوع الثاني: بركة تضاف إليه إضافة الرحمة والعزة، والفعل منها: «تبارك»؛ ولهذا لا يقال لغيره ذلك، ولا يصح إلاَّ له عز وجل، فهو سبحانه «المُتبارِك»، وعبده ورسوله «المُبارَك».

وأما صفته «تبارك» فمختصة به كما أطلقها على نفسه في قوله: ﴿تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الأعراف: 54]، ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ [الملك: 1].

أفلا تراها كيف اطردت في القرآن جارية عليه، مختصة به، لا تطلق على غيره؟ وجاءت على بناء السَّعة والمبالغة؛ كـ «تعالى» و «تعاظم» ونحوه، فجاء بناء «تَبَارَكَ» على بناء «تَعَالى» الذي هو دال على كمال العلو ونهايته. فكذلك «تَبَارَكَ» دال على كمال بركته وعظمتها وسَعتها. وهذا معنى قول من قال من السلف: تبارك: تعاظم».

وقال ابن عباس: جاء بكل بركة.

**********

 قوله: «وَلاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةٌ» هذه بشارة أيضًا من النبي صلى الله عليه وسلم، بعد هذه الأمور العظيمة والحوادث المروعة التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم، فإن الحق سيبقى، وسيبقى عليه جماعة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا تضرهم هذه الأهوال، وهذه الحوادث، وهذا الابتلاء العظيم، وتسلط الكفار، وقلة أهل الحق، وكثرة أهل


الشرح