فهذه الآيات تدل دلالة واضحة على كفر الساحر، مع عمل الصحابة وقتلهم
للسَّحرة.
وفي قوله عز وجل: ﴿إِنَّمَا
صَنَعُواْ كَيۡدُ سَٰحِرٖۖ وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ﴾ [طه: 69] دليل على
كفر الساحر، حيث نُفِي فلاحه، والمؤمن يُفلح ولو كان إيمانه ضعيفًا، ولو لم يكن
عنده إلاَّ ذَرة من الإيمان فإنه يُفلح وإن عُذِّب. والله نفى عن الساحر الفلاح
مطلقًا، فدل على أنه كافر، والعياذ بالله.
وكُفْر الساحر مطلقًا - كما ذَكَر الشارح - هو مذهب الأئمة الثلاثة - أبي
حنيفة، ومالك، وأحمد - وسَبَقهم جَمْع من الصحابة.
والإمام الشافعي يرى التفصيل فيما إذا كان سحره يقتضي الكفر فيُقتل، وإلا
فلا. ولكن هذا المذهب مرجوح؛ لأنه لا يتم السحر إلاَّ بالتعاون مع الشياطين
والخضوع لهم، وحينئذٍ يكون كافرًا.
الفائدة الثانية: في الحديث دليل على وجوب قتل الساحر قتل ردة؛ لأنه صح
عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - عمر وحفصة وجُنْدُب - ولم يَظهر لهم
مخالف من الصحابة، فدل على وجوب قتله؛ لأنه مرتد، والمرتد يجب قتله للنصوص الدالة
على ذلك.
الفائدة الثالثة: في هذه الآثار دليل على أن الساحر يُقتل ولا يستتاب؛
لأنه لم يُذكر في هذه الآثار أن الصحابة قتلوه بعدما استتابوه.
وأيضًا: إذا تاب في الظاهر فعِلم السحر لا يزول من قلبه، فهو وإن أظهر
التوبة فإنه يُقتل في كل حال؛ لأن التوبة لا تزيل السحر من قلبه بعدما تعلمه. ومن
أجل دفع فساده؛ لأنه قد يُظهر التوبة وهو غير صادق لأجل أن يتقي القتل.