×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: ولهما: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا» ([1])، البيان: الفصاحة والبلاغة.

قال ابن عبد البر: تأوله طائفة على الذم؛ لأن السِّحر مذموم. وذهب أكثر أهل العلم وجماعة أهل الأدب إلى أنه على المدح؛ لأن الله عز وجل مَدَح البيان.

قال: وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لرجل سأله عن حاجة، فأحسن المسألة فأعجبه قوله: «هذا والله السِّحر الحلال». انتهى.

والأول أصح، والمراد به البيان الذي فيه تمويه على السامع وتلبيس؛ كما قال بعضهم:

في زخرف القول تزيين لباطله**** والحق قد يعتريه بعض تغييرِ

مأخوذ من قول الآخَر:

تقول هذا مُجاج النحل تمدحه **** وإن تشأ قلت ذا قَيء الزنابيرِ

مدحًا وذمًّا وما جاوزتَ وصفهما **** والحق قد يعتريه سوء تعبيرِ

قوله: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»: هذا من التشبيه البليغ؛ لكون ذلك يَعمل عمل السحر، فيَجعل الحق في قالَب الباطل، والباطل في قالب الحق، فيستميل به قلوب الجهال حتى يُقبَل الباطل ويُنكَر الحق.

وأما البيان الذي يوضح الحق ويقرره، ويُبطِل الباطل ويبينه، فهذا هو الممدوح. وهكذا حال الرسل وأتباعهم؛ ولهذا علت مراتبهم في الفضائل وعَظُمت حسناتهم.

**********

وهذا أيضًا نوع من أنواع السحر، وهو البيان.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5146)، مسلم رقم (869).