والمراد بالبيان هنا: البلاغة والفصاحة في الكلام. فالبلاغة والفصاحة نوع من
أنواع السحر؛ لأنها تؤثر في عقول المستمعين. فإذا كان المتكلم بليغًا في كلامه
فإنه يؤثر على المستمعين ويجذبهم.
فإذا استخدم البيان في الحق والدعوة إلى الله عز وجل كان محمودًا، ويسميه
بعضهم: «السحر الحلال»، وهذا من باب
التشبيه بالسحر في تأثيره، وإلا فهو في الحقيقة ليس سحرًا.
وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى يعطيه مَن يشاء من عباده، ومن ذلك ما أعطاه
عز وجل لرسله وأنبيائه - عليهم الصلاة والسلام - من البلاغة والفصاحة في الكلام؛
لأجل الدعوة إلى الله عز وجل وإقامة الحُجة على العباد.
كذلك إذا وهب الله عز وجل الخطيب أو المتحدث أو المُحاضِر في الإذاعة أو في
أي مجال - فصاحة وبلاغة، واستخدمها في نشر الحق والدعوة إلى الله، كان ذلك عملاً
محمودًا، فهو خير خصه الله به، واستعمله في طاعة الله عز وجل.
بخلاف الثرثار الذي لا يُحْسِن الكلام، فهذا يُنفِّر الناس منه ولا يستمعون
إلى كلامه؛ لأن كلامه يَثقل عليهم فلا يتلذذون به.
أما إذا استخدم البلاغة والفصاحة للشر والدعاية للباطل والتحذير من الخير،
فهذا - والعياذ بالله - السحر المحرم؛ لأن السحر يَقلب الحق باطلاً، والباطل
حقًّا. فكذلك الفصاحة والبلاغة قد يستخدمهما الإنسان في تنفير الناس من الخير
وترغيبهم في الشر، فيُصغون إليه لحُسن كلامه وفصاحة منطقه، فيؤثر فيهم، فيَزهدون
في الخير ويَرغبون في الشر.