×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 لما سُئِل الحسن البصري رحمه الله عن النُّشْرة قال: «لاَ يَحُلُّ السِّحْرَ إلاَّ سَاحِرٌ». فهذه أجوبة الأئمة، بعضهم أجاز، وبعضهم منع: فابن مسعود يُحَرِّم، وسعيد بن المسيب يبيح، والحسن البصري يُحرم.

اختلفت أجوبة الأئمة عنها، ولكن هذا الاختلاف ليس من باب التضاد والتناقض، وإنما كلٌّ يقصد معنى غير ما يقصده الآخَر.

وبين هذا الكلام ابن القيم رحمه الله، حيث فَصَّل القول في هذا، وبَيَّن مقاصد هؤلاء الأئمة بأجوبتهم، وجَمَع بين كلامهم الذي ظاهره الاختلاف.

فقال رحمه الله: «النُّشْرة: حل السحر عن المسحور» هذا تعريفها.

ثم قال: «وهي نوعان: حَلُّ سحر بمثله»، وهو النُّشْرة التي كانت في الجاهلية، كانوا يذهبون إلى السحرة ويطلبون منهم حل السحر، فيَعمل لهم السحرة السحر بإذنهم وطلبهم.

قال: «فيتقرب الناشر والمنتشر» «الناشر»: وهو الذي يَعمل السحر. والمنتشر: هو الذي يَطلب ذلك، «إلى الشيطان بما يحب» من الكفر بالله والشرك بالله وطاعة الشيطان، «فيُبطل عمله» فيَرفع الشيطان عمله عن الإنسان؛ لأن السحر من عمل الشيطان.

فإذا تقرب إليه بنو آدم طلبًا لرفع السحر فإنه يرفعه؛ لأنه من عمله. وهذا الذي جاء فيه النهي. وإذا ذهب الناس إلى الساحر ليَحُل عنهم السحر فهذا هو المحرم، وهذا هو الذي من عمل الشيطان، وهذا الذي يُحْمَل عليه قول الحسن البصري رحمه الله: «لا يَحُل السحر إلاَّ ساحر»، وهذه هي النُّشْرة التي من عمل الشيطان كما في الحديث الذي في أول الباب.


الشرح