وفي هذا رَدٌّ على الذين يطلبون العلاج المحرم من الكهان أو المشعوذين
ويقولون: وجدنا عندهم فائدة، وشُفِي المريض، والحمد لله!!
فوجود الفائدة ليس دليلاً على الإباحة؛ لأن الأصل تحريم الذَّهاب إلى هؤلاء
الكهان والدجالين والمشعوذين. فما كل ما يفيد يباح حتى لا يكون معه ضرر راجح. وقد
يكون في الشيء نفع من وجه، وضرر من وجه آخر، فإذا كان الضرر راجحًا أو مساويًا
فهذا حرام. أما إذا كانت المصلحة أرجح والضرر مرجوحًا، فهذا مباح.
فكونهم يجدون عند ذَهابهم إلى الساحر شفاء - هذا لا يدل على الإباحة؛ لأن
هذا ابتلاء وامتحان. والضرر الذي يحصل عليهم من الشرك والكفر أعظم من الفائدة التي
يجدونها.
فيستفاد من حديث الباب وأقوال الأئمة رحمهم الله - أنه لا يجوز الذَّهاب
إلى السحرة، ولا أن يُطلب منهم عمل سحر يُبطلون به سحرًا آخر أصاب المسحور؛ لأن هذا
لا يحصل إلاَّ بالكفر والشرك بالله عز وجل والتقرب للشيطان بما يحب.
قال: «والثاني: النُّشْرة بالرقية،
والتعوذات، والأدوية، والدعوات المباحة؛ فهذا جائز» وهذا هو النوع الذي
يُحْمَل عليه كلام سعيد بن المُسيَّب، حيث قال: «لاَ بَأْسَ بِهِ» يُحْمَل على الرقية التي ليس فيها سحر.
كالرقية بالقرآن، بأن يُقرأ على المطبوب سور من القرآن، فتُقرأ عليه فاتحة
الكتاب وتكرر لأنها رقية عظيمة. وتُقرأ عليه سورة الإخلاص والمعوذتان. وتُقرأ عليه
آيات السحر التي جاءت في القرآن؛