×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وقد كان الإمام أحمد رحمه الله يَكره أن يُكتب عنه شيء، وإنما روى أصحابه مذهبه عنه مشافهة، من الدروس التي كان يلقيها، ومن الأمالي التي كان يمليها، والأجوبة التي يجيب بها، فهم تَلَقَّوْه عنه تَلَقِّيًا.

وليس للإمام أحمد كتاب في الحديث سوى «المُسنَد»، وله في العقيدة: «الرد على الجهمية».

أما الفقه فلم يَكتب فيه الإمام أحمد كتابًا، مثل ما كَتَب الشافعي «الأُم»، ومثل ما كَتَب الإمام مالك «الموطأ»، إنما كان أصحابه يروون عنه مذهبه تلقيًا منه.

الحاصل: أن الإمام أحمد سُئِل عن النُّشْرة، فأجاب بقوله: «ابن مسعود...» أي: الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم «يَكره هذا كله» أي: يَكره حَل السحر عن المسحور، الذي كان معهودًا في الجاهلية.

ومعنى يكرهه: يحرمه؛ لأن الكراهة في عرف السلف معناها التحريم.

وأما الكراهة في عرف المتأخرين، فمعناها: كراهة التنزيه.

فقوله: «ابن مسعود يَكره» أي: يُحَرِّم «هذا كله» وهو النُّشْرة.

فالإمام أحمد رحمه الله روى عن ابن مسعود هذا الجواب، وهو تحريم النُّشرة التي هي حَل السحر عن المسحور.

وهذا محمول على النُّشرة بالسحر، مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»، فهذا هو المحرم، وهذا هو الذي من عمل الشيطان.


الشرح