×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ» ([1]).

قال أبو السعادات: «الفأل - مهموز -: فيما يَسُر ويَسُوء. والطِّيرة لا تُستعمل إلاَّ فيما يَسوء، وربما استُعملت فيما يَسُر» ([2]).

قوله: «قَالُوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قَالَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ»»: بَيَّن صلى الله عليه وسلم أن الفأل يعجبه، فدل على أنه ليس من الطِّيرة المنهي عنها.

قال ابن القيم: «ليس الإعجاب بالفأل ومحبته بشيء من الشرك، بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة، وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يوافقها ويلائمها. والله عز وجل جعل في غرائز الناس الإعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته وميل نفوسهم إليه، وكذلك جعل فيها الارتياح، والاستبشار والسرور باسم الفلاح، والسلام، والنجاح، والتهنئة، والبِشر، والفوز، والظفر... ونحو ذلك. فإذا سَمِعَتِ الأسماع أضدادها أوجب لها ضد هذه الحال فأحزنتها، وأثار ذلك لها خوفًا، وتطيرًا، وانكماشًا، وانقباضًا عما قصدته وعزمت عليه، فأورث لها ضررًا في الدنيا، ونقصًا في الإيمان ومقاومة للشرك».

**********

 هذا مِثل الحديث الذي قبله، ينفي العدوى، على ما كان يعتقده أهل الجاهلية، من أن المرض ينتقل بنفسه بدون تقدير الله عز وجل.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5776)، ومسلم رقم (2224).

([2])  انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/405).