×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وأما أن ينتقل المرض بقضاء الله وقدره فهذا شيء معروف، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم في الطاعون: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» ([2])، وهذا من باب تجنب الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة، ومن باب الوقاية وتعاطي الأسباب الواقية بإذن الله، مع التوكل والاعتماد على الله عز وجل.

وهذا ليس تطيرًا، إنما هو من باب تعاطي الأسباب الواقية فقط؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ» ([3])، وهذا من باب الوقاية، وليس من باب التطير والتشاؤم.

وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ»، الفأل: هو إحسان الظن بالله عز وجل واعتقاد الخير. فإذا سمع كلمة طيبة تفاءل بها خيرًا وانشرح صدره، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

والفرق بين الطِّيرة والفأل: أن الطِّيرة تَوَقُّع للشر، وأما الفأل فهو تَوَقُّع للخير. والفأل حُسْن ظن بالله عز وجل، والطِّيرة سوء ظن بالله عز وجل. فالفأل لا يَدخل في الطيرة، وهو محمود. وكون الإنسان إذا سمع كلامًا طيبًا، استبشر به وفرح وانشرح له صدره، وتفاءل به خيرًا - هذا لا بأس به، وهو محمود؛ لأنه من إحسان الظن بالله عز وجل. فدل هذا الحديث على الفرق بين الطِّيرة والفأل أو التفاؤل.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2221).

([2])أخرجه: البخاري رقم (3473)، ومسلم رقم (2218).                                

([3])  أخرجه: البخاري رقم (5707).