والحسنات هنا: النعم.
والسيئات: المصائب. ففيه نفي تعلق القلب بغير الله في جلب نفع أو دفع ضر. وهذا هو
التوحيد، وهو دعاء مناسب لمن وقع في قلبه شيء من الطِّيرة، وتصريح بأنها لا تجلب
نفعًا ولا تدفع ضرًّا، ويُعَد مَن اعتقدها سفيهًا مشركًا.
قوله:
«وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ»، والحول: التحول والانتقال من حال إلى
حال، والقوة على ذلك بالله وحده. ففيه التبري من الحول والقوة والمشيئة بدون حول
الله وقوته ومشيئته. وهذا هو التوحيد في الربوبية، وهو الدليل على توحيد الإلهية،
الذي هو إفراد الله عز وجل بجميع أنواع العبادة، وهو توحيد القصد والإرادة. وقد
تقدم بيان ذلك بحمد الله.
**********
وهذا مِثل الحديث الذي قبله، فيه
أن الطِّيرة ذُكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: سُئل عنها صلى الله
عليه وسلم، فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ»،
فدل على أن الفأل من الطِّيرة، ولكنه محمود.
ففي الحديث الأول أن الفأل كان يعجبه صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الحديث
أن الفأل هو أحسن الطِّيرة. والفرق بينهما أن الفأل حُسْن ظن بالله عز وجل. وأما
الطِّيرة فهي سوء ظن بالله عز وجل.
قوله: «وَلاَ تَرُدُّ مُسْلِمًا»،
أي: لا يمتنع المسلم عن عمل بسبب الطِّيرة. فإذا خرج لعمل أو سفر، أو همَّ بأمر،
ورأى ما يكره، فإنه يَمضي فيما عزم عليه ولا يرجع ولا يتردد.
أما غير المسلم فإنه ينفعل مع الطِّيرة وتَرُده عما عزم عليه اعتقادًا بها.
وهذا شرك بالله عز وجل.