من موسى ولا من أتباعه.
فما أصابهم من الشر ومن الشدائد من عند الله سبحانه وتعالى في كتابه وقضائه وقدره
بسبب كفرهم. فالسبب مِن قِبلهم، وأما القضاء والقدر فهو من الله سبحانه وتعالى.
ولا تَزال هذه العادة الكفرية من الناس إلى اليوم، يتشاءمون بأهل الخير،
ويقولون: هؤلاء رَجعيون! أخَّرونا عن التقدم! هؤلاء صاروا حجر عثرة دون الرقي
والتقدم والحضارة!! لأن أهل الخير ينهَونهم عن المعاصي وعن السيئات التي يزعمون
أنها تقدم وحضارة ورقي، بزعمهم، فيقولون: عَوَّقَنا هؤلاء العلماء وهؤلاء
الصالحون، ووقفوا حجر عثرة دوننا ودون التقدم والحضارة والرقي والسير في ركاب
الأمم المتحضرة!!
ولا يَزالون يقولونها في أهل الصلاح وأهل الخير!
فهي وإن كانت عادة قديمة إلاَّ أنها مستمرة في الناس إلى اليوم، يَنسبون
إلى أهل الخير كل شر وكل محذور يقعون فيه.
وما علموا أن هذا بيد الله سبحانه وتعالى، وأنه بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، وأن
أهل الخير هم سبب للهداية، وصلاح الأرض وصلاح الأنفس وصلاح الأمور.
فلو أنهم اتبعوا أهل الخير، لأزال الله ما بهم من الشدة، ولرَزَقهم من واسع
فضله، ولجعلهم خير أهل الأرض.
قوله: ﴿قَالُواْ
طَٰٓئِرُكُم مَّعَكُمۡ﴾: لما جاءت رسل المسيح عليه السلام الذين أرسلهم للدعوة
إلى الله عز وجل، تطير بهم أهل القرية، يقال: إنها أنطاكِيَة بالشام.
قال عز وجل: ﴿وَٱضۡرِبۡ لَهُم
مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ ١٣إِذۡ أَرۡسَلۡنَآ
إِلَيۡهِمُ ٱثۡنَيۡنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزۡنَا بِثَالِثٖ فَقَالُوٓاْ إِنَّآ
إِلَيۡكُم مُّرۡسَلُونَ ١٤قَالُواْ مَآ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا وَمَآ أَنزَلَ
ٱلرَّحۡمَٰنُ مِن شَيۡءٍ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَكۡذِبُونَ ١٥﴾ [يس: 13- 15].