فهذه مقالة الكفار متطابقة في كل زمان، وهذا مثل ما قال الكفار لمحمد صلى
الله عليه وسلم؛ كما في قوله عز وجل: ﴿وَإِن
تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ
سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ﴾ [النساء: 78].
إن يأتهم المطر والخصب والخير يقولوا: هذه من عند الله. هذا صحيح أنها من
عند الله سبحانه وتعالى. وإن انحبس عنهم المطر وجاءهم الجدب وهلكت الزروع والضروع،
قالوا: هذه من عندك يا محمد، ما جاءنا هذا إلاَّ بسببك!! يتشاءمون بالرسول صلى
الله عليه وسلم.
قال الله عز وجل: ﴿قُلۡ
كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ﴾ الحسنة والسيئة كلها من عند الله عز وجل بقضائه وقدره،
وليست من عند الرسول صلى الله عليه وسلم، وما الرسول إلاَّ مُبلِّغ وداعية إلى
الله عز وجل، ﴿فَمَالِ
هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا﴾ [النساء: 78].
﴿مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ
حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ﴾ [النساء: 79] أي: بفضله وإحسانه سبحانه وتعالى، والسبب
من قِبل العبد، وهو العمل الصالح والطاعة، ﴿وَمَآ
أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ﴾ [النساء: 79] أي:
بسبب فعلك وذنوبك أيها العبد، وهي من الله سبحانه وتعالى؛ لقوله: ﴿قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ﴾.
فمن حيث التسبب هذا من العباد، الطاعات تسبب الخير والمعاصي تسبب الشر، ومن
حيث القضاء والقدر والإيجاد والخلق فهو كله من الله عز وجل، يفعله سبحانه لحكمة،
فيضع الخير فيمن يستحقه، ويضع الشر فيمن يستحقه.