×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وقوله: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ» أي: المداوم على شرب الخمر. والإدمان يدل على عدم المبالاة؛ فلهذا صار عليه هذا الوعيد الشديد، أنه لا يَدخل الجنة؛ لأنه أصبح لا تَردعه الحدود.

ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، فيُقتَل شارب الخمر إذا تكرر منه أربع مرات عملاً بهذا الحديث؛ لأنه أصبح لا تَردعه الحدود، ويكون قتله من باب التعزير، وليس هو من باب الردة.

وهذا الوعيد من الله عز وجل بأنه لا يدخل الجنة - لا يعني أن شارب الخمر كافر، بل هو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ولكن توعده الله بهذا الوعيد، فنحن نورد الحديث كما جاء ولا نتعرض له بتأويل، وإن كنا نعتقد أن مَن لم يستحل الخمر ليس كافرًا، وإنما هو فاسق، وهو مُعَرَّض للوعيد، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، كما قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48]. هذه عقيدة أهل السُّنة والجماعة عملاً بالنصوص.

لكن على كل حال: هذا يدل على شدة جريمة المدمن للخمر، وأنه مُعَرَّض للوعيد الشديد.

الثاني: «قَاطِعُ الرَّحِمِ»، والمراد بالرحم: القرابة من جهة الأب أو من جهة الأم.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4485)، وابن ماجه رقم (2572)، وأحمد رقم (6791)، وأبو يعلى رقم (7363).