×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: قال البخاري في صحيحه: وقال قتادة «خَلَقَ اللهُ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ». انتهى.

هذا الأثر علَّقه البخاري في صحيحه، وأخرجه عبد الرزاق وعبد بن حُمَيْد، وابن جرير وابن المنذر... وغيرهم. وأخرجه الخطيب في كتاب «النجوم» عن قتادة بلفظ أطول من هذا.

وقول قتادة رحمه الله يدل على أن علم التنجيم هذا قد حدث في عصره، فأوجب له إنكاره على مَن اعتقده وتعلق به.

وهذا العلم مما ينافي التوحيد ويوقع في الشرك؛ لأنه يَنسب الحوادث إلى غير مَن أحدثها، وهو سبحانه بمشيئته وإرادته؛ كما قال عز وجل: ﴿هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ [فاطر: 3]، وقال: ﴿قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا يَشۡعُرُونَ أَيَّانَ يُبۡعَثُونَ [النمل: 65].

قوله: «خَلَقَ اللهُ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ»: قال عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلۡنَٰهَا رُجُومٗا لِّلشَّيَٰطِينِۖ [الملك: 5]. وفيه إشارة إلى أن النجوم في السماء الدنيا، كما روى ابن مَرْدَوَيْهِ عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما السماء الدنيا فإن الله خلقها من دخان، ثم رفعها، وجَعَل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا، وزَيَّنها بمصابيح النجوم، وجَعَلها رجومًا للشياطين وحَفِظها من كل شيطان رجيم» ([1]).


الشرح

([1])  ذكره السيوطي في: الدر المنثور (5/69) وعزاه إلى ابن مردويه.