وهم في الليل من هذا
المكان، «فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ
عَلَى النَّاسِ» يعني: لما سَلَّم من صلاة الفجر أقبل على الناس.
وهذا هو المشروع للإمام، أنه إذا سَلَّم من الصلاة ينصرف ويستقبل المأمومين
ولا يبقى مستقبلاً القبلة. وهذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
فقال صلى الله عليه وسلم: «هَلْ
تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» أراد أن يعظ الناس.
وفي هذا مشروعية الموعظة بعد الصلاة، لاسيما إذا صار لها سبب ومناسبة، فإن الإمام
ينصح الناس ويعظهم ويُذكرهم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعظ الناس بعد الصلاة،
لكنه لم يكن يداوم على هذا، ولكن كان يتخولهم بالنصيحة بين فترة وأخرى خَشية أن
يملوا.
وقوله: «هَلْ تَدْرُونَ
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» هذا من باب إلقاء العلم عن طريق السؤال؛ لأن هذا
أنبه للمتعلم أن تسأله أولاً ثم تُلقِي عليه الجواب، وذلك أوقع في نفسه مما لو
بدأته بإلقاء العلم بدون سؤال.
وقوله: «مَاذَا قَالَ
رَبُّكُمْ؟» فيه إثبات القول لله عز وجل، وأنه يتكلم متى شاء إذا شاء، سبحانه
وتعالى.
قال: «قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ»
هذا فيه رد العلم إلى عالمه، ولا يتخرص الإنسان شيئًا لا يعرفه، ولا يتكلم في
مسائل العلم إلاَّ إذا كان يعرفها، فإذا كان لا يعرفها فإنه يَرُدها إلى أهل
العلم، أو يقول: الله أعلم.
قال صلى الله عليه وسلم: «قَالَ:
«أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ» لما تَطَلَّع الصحابة للجواب
ألقاه عليهم صلى الله عليه وسلم؛ لأجل أن يُثَبِّت هذا في أذهانهم.