×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

فهذان النوعان - محبة الشهوة ومحبة العاطفة - يقال لهما: المحبة الطبعية؛ لأن الإنسان طُبِع عليها فلا يؤاخَذ عليها. أما محبة العبودية فهي التي لا تكون إلاَّ لله عز وجل، وهي محبة العبادة.

فالمحبة الطبعية هذه ليست عبادة، ولا يؤاخذ عليها الإنسان، لكن إذا قدمها على محبة الله ورسوله فإنه يكون ملومًا ومتوعدًا، قال عز وجل: ﴿قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ [التوبة: 24]، هذا تهديد، أي: انتظروا ماذا سيَحُل بكم ﴿حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ [التوبة: 24].

فمَن قَدَّم محبة الوطن، ومحبة المال، ومحبة الأزواج والأقارب - على محبة الله ورسوله، فإنه مُتوعَّد وعاصٍ لله ورسوله. والواجب العكس: أن يُقَدِّم محبة الله ورسوله على هذه الأشياء.

وهذه الآية نزلت في قوم من المؤمنين تخلفوا في مكة وتركوا الهجرة محافظة على هذه الأشياء، شحُّوا بأموالهم ومساكنهم في مكة، وأولادهم وأقاربهم، وتركوا الهجرة؛ فعاتبهم الله سبحانه وتعالى وتوعدهم؛ لأنهم قَدَّموا محبة هذه الأشياء على محبة الله ورسوله، فلم يهاجروا. بخلاف المؤمنين الذين تركوا أموالهم وديارهم وأولادهم، وتركوا محبوباتهم، وهاجروا إلى الله ورسوله.


الشرح