×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 فالمسلم إذا قَدَّم هذه المحبوبات المذكورة في هذه الآية أو غيرها على محبة الله ورسوله - صار عاصيًا مُتوعَّدًا بأشد الوعيد. أما إذا لم يقدمها على محبة الله ورسوله فإنه لا يلام، فلا بأس أن يحب الإنسان بلده، ويحب بيته، ويحب ماله، ويحب أولاده، ويحب زوجته، ويحب عشيرته، ما لم يُقدِّم هذه المحبوبات على محبة الله ورسوله. فإذا قَدَّم عليها محبة الله ورسوله دل ذلك على صدق إيمانه، وإن قَدَّم محبتها على محبة الله ورسوله دل ذلك على نقص إيمانه أو عدم إيمانه. فيجب التنبه لهذا.

والمحبة هي أعظم أنواع العبادة، والعبادة ليست مقصورة على المحبة كما يقول الصوفية: «إن العبادة هي الحب فقط، ونحن لا نعبد الله خوفًا من ناره، ولا طمعًا في جنته، وإنما نعبده لأننا نحبه فقط».

وهذا ضلال مبين، بل الله عز وجل يُعْبَد محبة له، وخوفًا منه، وطمعًا في جنته. هذه طريقة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - أنهم يحبون الله، ويطمعون في جنته، ويخافون من ناره، قال عز وجل: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا [الإسراء: 57]، وقال: ﴿ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ [الأعراف: 55]، وقال: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ [الأنبياء: 90].

فليست العبادة مقصورة على المحبة فقط كما هي طريقة الصوفية الضُّلال. وكذلك ليست العبادة مقصورة على الخوف فقط كما هي


الشرح