قال الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِلۡمُشۡرِكِينَ أَن
يَعۡمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم بِٱلۡكُفۡرِۚ أُوْلَٰٓئِكَ
حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ وَفِي ٱلنَّارِ هُمۡ خَٰلِدُونَ ١٧إِنَّمَا يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ
ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ
وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ فَعَسَىٰٓ أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ
مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٨﴾ [التوبة: 17- 18].
لما نفى سبحانه وتعالى عمارة المشركين للمساجد، أثبتها للمؤمنين؛ لأن
المشركين يَدْعُون غير الله، ويصرفون أنواع العبادة لغير الله. والمساجد بيوت
الله، لا يجوز أن يُمارس فيها الشرك، قال عز وجل: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ
لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا﴾ [الجن: 18].
فيجب أن تُطهَّر المساجد من الشرك، ومن البدع والمُحْدَثات والخرافات، وليس
من حق المشركين أن يقيموا فيها شركياتهم وخرافاتهم وبدعهم؛ فليسوا من أهل المساجد،
وإنما أهل المساجد هم أهل الإيمان الذين يعمرونها بالطاعة والتوحيد.
لأن عمارة المساجد على قسمين:
عمارة حسية بالبناء؛ كما قال عز وجل: ﴿فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ
فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ﴾ [النور: 36].
تُعَمَّر العمارة الحسية بما يليق، من غير إسراف ومن غير غلو، إنما
تُعَمَّر العمارة اللائقة التي تُكِنُّ المسلمين من البرد ومن الحر ومن المطر. ولا
تُزخرَف وتُذوَّق ولا يُسرف في بنائها.
وهذه البناية الحسية لا تكفي، إنما هي وسيلة، والعمارة الحقيقية الطاعة،
فالمساجد إنما تُبنى لأجل الطاعة، وليست لأجل المباهاة