والمفاخرة والآثار والفن المعماري، كما يقولون، إنما تُعَمَّر لطاعة الله
سبحانه وتعالى، وبناؤها وسيلة وليس غاية.
أما المشرك، فإنه لا يَعْمُر مساجد الله، ويُمنع من أن يقيم شركياته
وبدعياته وخرافاته في المساجد، إنما يعمرها أهل الإيمان: ﴿إِنَّمَا
يَعۡمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ
وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَلَمۡ يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ﴾.
الشاهد من هذه الآية قوله: ﴿وَلَمۡ
يَخۡشَ إِلَّا ٱللَّهَۖ﴾، فحَصَر الخَشية فيه سبحانه وتعالى؛ لأن الخَشية نوع من
أنواع العبادة، لا يجوز أن يُخشى مع الله أحد، كما أنه لا يجوز أن يُخاف مع الله
أحد. فالخوف والخشية نوعان من أنواع العبادة. فهؤلاء هم الذين يَعْمُرون المساجد
بالطاعة والعبادة. ومن العبادة الخشية من الله وحده.
ثم قال عز وجل: ﴿فَعَسَىٰٓ
أُوْلَٰٓئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ أي: الذين اتصفوا
بهذه الصفات: الإيمان بالله واليوم الآخِر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والخَشية
من الله وحده.
و «عسى» حرف تَرَجٍّ، ولكنها
من الله واجبة؛ لأنها وعد من الله سبحانه وتعالى، والله لا يخلف وعده؛ ولهذا قال
ابن عباس رضي الله عنهما: «كل «عسى»
في القرآن فهي واجبة». فالله وَعَد أولئك الذين اتصفوا بهذه الصفات أن يكونوا من
المهتدين إلى الحق، وهو سبحانه لا يُخْلِف وعده.
أما مَن لم يتصف بهذه الصفات، فليس من المهتدين، بل هو من الضالين.