فمَن
هداه الله وألهمه رشده ووقاه شر نفسه، امتنع من الموافقة على فعل المحرم، وصبر على
عداوتهم، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، كما كانت للرسل وأتباعهم.
ثم
أخبر عز وجل عن حال الداخل في الإيمان، وأنه إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس وهي
أذاهم، ونيلهم إياه بالمكروه - وهو الألم الذي لابد أن يَنال الرسل وأتباعهم ممن
خالفهم - جَعَل ذلك في فراره منه وتركه السبب الذي يناله به كعذاب الله الذي فر
منه المؤمنون بالإيمان.
فالمؤمنون
لكمال بصيرتهم فروا من ألم عذاب الله إلى الإيمان، وتحملوا ما فيه من الألم الزائل
المفارق عن قريب.
وهذا
مِن ضعف بصيرته فر من ألم أعداء الرسل إلى موافقتهم ومتابعتهم، ففر من ألم عذابهم
إلى ألم عذاب الله، فجعل ألم الفتنة عذاب الناس في الفرار منه بمنزلة عذاب الله،
وغُبن كُلَّ الغَبْن!! إذ استجار من الرمضاء بالنار، وفر من ألم ساعة إلى ألم
الأبد.
وإذا
نَصَر الله جنده وأولياءه، قال: إني كنت معكم!! والله عليم بما انطوى عليه صدره من
النفاق» انتهى.
**********
قوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ فَإِذَآ أُوذِيَ فِي ٱللَّهِ جَعَلَ فِتۡنَةَ ٱلنَّاسِ
كَعَذَابِ ٱللَّهِۖ﴾ أي: مِن الناس مَن يؤمن بالله في حال الرخاء، لكن إذا
جاءته فتنة واختبار ظهر منه الشرك، والعياذ بالله.