×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: «وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ» أي: على ما وصل إليك من أيديهم، بأن تضيفه إليهم وتحمدهم عليه. والله عز وجل هو الذي كتبه لك وسَيَّره إليك، فإذا أراد أمرًا قَيَّض له أسبابًا.

ولا ينافي هذا حديث: «مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ» ([1])؛ لكون الله ساقه على أيديهم، فتدعو لهم أو تكافئهم؛ لحديث: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ» ([2]).

قوله: «وَأَنْ تَذِمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ»؛ لأنه لم يُقَدَّر لك ما طلبتَه على أيديهم، فلو قُدِّر ساقه إليك.

فمَن عَلِم أن الله وحده هو المنفرد بالعطاء والمنع بمشيئته وإرادته، وأنه الذي يَرزق العبد بسبب وبلا سبب ومن حيث لا يحتسب - لم يسأل حاجته إلاَّ من الله وحده. ولعل ما مُنِع من ذلك يكون خيرًا له، ويُحْسِن الظن بالله سبحانه، ولا يَرْغَب إلاَّ إليه، ولا يخاف إلاَّ من ذنبه.

وقد قُرر هذا المعنى في الحديث بقوله: «إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلاَ يَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ».

وقال شيخ الإسلام: «اليقين يتضمن: القيام بأمر الله عز وجل، وما وَعَد الله به أهل طاعته، ويتضمن اليقين بقدر الله وخلقه وتدبيره.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4811)، والترمذي رقم (1954)، وأحمد رقم (7939)، وابن حبان رقم (3407).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (1672)، والنسائي رقم (2567)، وأحمد رقم (5365)، والطيالسي رقم (2007).