فإذا
أرضيتهم بسَخَط الله، ولم تكن موقنًا لا بوعده ولا برزقه. فإنه إنما يَحمل الإنسان
على ذلك: إما ميل إلى ما في أيديهم، فيترك القيام فيهم بأمر الله لما يرجوه منهم.
وإما ضعف تصديقه بما وَعَد الله أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب في الدنيا
والآخرة.
فإنك
إذا أرضيت الله نصرك ورزقك وكفاك مؤنتهم.
وإرضاؤهم
بما يسخطه إنما يكون خوفًا منهم ورجاءً لهم، وذلك من ضعف اليقين.
وأما
إذا لم يُقَدَّر لك ما تظن أنهم يفعلونه معك، فالأمر في ذلك إلى الله لا لهم، فإنه
ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فإذا ذممتهم على ما لم يُقَدَّر لك كان ذلك من ضعف
يقينك، فلا تَخَفْهم، ولا تَرْجُهم، ولا تَذُمَّهم من جهة نفسك وهواك. ولكن مَن
حَمِده الله ورسوله منهم فهو المحمود، ومَن ذمه الله ورسوله منهم فهو المذموم».
ودل
الحديث على أن الإيمان يَزيد وينقص، وأن الأعمال من مسمى الإيمان.
**********
الإيمان - كما هو معلوم -: قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح،
يَزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
والإيمان يتفاضل: أوله الإيمان، ثم علم اليقين، ثم عين اليقين. فهو يَزيد
حتى يصل إلى عين اليقين، وينقص حتى يصل إلى أضعف الإيمان.