×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

وهذا الحديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ» أي: من ضعف الإيمان «أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ» هذا هو محل الشاهد من الحديث.

إذا تعارض رضا الله مع رضا الناس، فإن الواجب أن تُقدِّم رضا الله ولو سَخِط الناس. وهذا دليل على قوة اليقين. أما المنافق فبالعكس، إذا تعارض رضا الله مع رضا الناس، فإنه يُقدِّم رضا الناس على رضا الله، ويترك ما يرضي الله سبحانه وتعالى. وهذا من ضعف اليقين.

قال: «وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَأَنْ تَذِمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ»، أي: من ضعف اليقين أن تفعل ذلك؛ لأن الله عز وجل هو الذي يعطي ويمنع، فإذا أعطاك شيئًا فاحمده سبحانه ولا تحمد الناس؛ لأن الرزق من الله عز وجل.

لكن إن جرى على يد أحد وتسبب فيه أحد، فأنت تشكره لا على أن الرزق منه، وإنما على ما بَذَل من السبب وساعدك. فأصل الحمد لله عز وجل، لكنك تشكر المحسن على قَدْر إحسانه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ»، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».

فالمحسن يُشْكَر على قدر إحسانه، لكن الشكر الكامل والتام لله عز وجل؛ لأن الفضل منه سبحانه وتعالى.

أما الذي يَشكر الناس على أن الفضل منهم والرزق منهم، فهذا مشرك بالله عز وجل.


الشرح