وكذلك لا تذمهم على ما لم يؤتك الله، إذا لم تحصل على مطلوبك فلا تذم
الناس؛ لأن الله عز وجل لم يكتب لك هذا الشيء، ولو كتبه الله لك لحصل، فلا تَلُمِ
الناس وتذم الناس وتسب الناس! بل قل: «هذا
قدر الله سبحانه وتعالى »، ولا تدري لعل في حبس هذا الشيء عنك خير لك، فأنت
تَرضى بقضاء الله وقدره، وهذا سبيل أهل الإيمان واليقين بقضاء الله وقدره.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلاَ يَرُدُّهُ كُرْهُ كَارِهٍ»،
وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ
عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ
اللَّهُ لَكَ. وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ
إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ» ([1]).
فأنت تعتقد أن القضاء والقدر بيد الله، وأن الأمور كلها بيد الله، وأن
المنع والعطاء بيد الله، فعَلِّق قلبك بالله عز وجل دائمًا أبدًا، ولا تعلق قلبك
بالناس فتمدحهم إن حصل لك مطلوبك، مع أنه من الله وليس منهم. وإن لم يحصل لك
مطلوبك تذمهم، مع أنهم ليسوا هم الذين منعوه عنك، والذي منعه هو الله عز وجل.
فالواجب على العبد المؤمن أن يعتدل في أموره.
وهذا هو حقيقة التوحيد، أن يكون العبد معتمدًا على الله ومتوكلاً عليه، ويعتقد أن الناس مجرد أسباب، والأسباب إن شاء الله نفعت وإنْ شاء لم تنفع.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556).