قال: ﴿وَعَلَىٰ
رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ﴾ قَدَّم المعمول، وهو الجارُّ والمجرور ليفيد الحصر، أي:
وعلى ربهم لا على غيره يتوكلون، أي: يُفوضون أمرهم إليه. وهذا محل الشاهد من الآية
الكريمة، أن التوكل نوع من أنواع العبادة، ويجب إفراد الله عز وجل به وأن لا
يُتوكل على غيره.
· وذَكَر الشارح أن التوكل ينقسم إلى قسمين:
النوع الأول: توكل على غير الله فيما لا يَقْدِر عليه إلاَّ الله.
وهذا شرك أكبر؛ كالذي يتوكل على الأموات ويتوكل على المخلوقين فيما لا يقدرون
عليه؛ من شفاء المرضى، وجلب الرزق، ودفع الضرر، فيقول أحدهم: يا فلان - يعني: يا
صاحب القبر - أنا في حسبك! أو: يا رسول الله، أنا في حسبك!! فيما لا يقدر عليه
إلاَّ الله.
النوع الثاني: أن يتوكل على العباد فيما يقدرون عليه؛ مثل أن يتوكل
على ولي الأمر، أو على تاجر من التجار - أن يعطيه شيئًا مما يقدر عليه. فهذا شرك
أصغر.
وأما أن يُوكِّل مَن ينوب عنه في التصرفات، فهذا توكيل وليس توكلاً، ولا
يقول لمن فوضه أو وكله ليتصرف في بعض أموره: «أنا
متوكِّل عليك»، وإنما يقول: «وكَّلْتك»،
و«أنت وَكِيلي».
والنبي صلى الله عليه وسلم وَكَّل مَن يشتري له، ووَكَّل مَن يَذبح عنه
الهَدْي، ووَكَّل عماله في قبض الزكوات، وفي الدعوة إلى الله.
فالتوكيل جائز ولا حرج فيه؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يزاول كل أعماله، فقد
يكون مريضًا أو مسافرًا أو بعيدًا عن الشيء، فيوكل مَن