فإذا كان النبي الذي هو
أفضل الخلق يقول له الله عز وجل: ﴿حَسۡبُكَ ٱللَّهُ﴾ أي: تَوَكَّلْ
عليه، ويقول له في الآية الأخرى: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ
وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ﴾ [هود: 123]، ويأمره بالتوكل على الله؛ فغيره من باب
أَوْلى.
قوله: ﴿وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ
مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ الواو عاطفة، و«مَن»
معطوف على الضمير «الكاف» في «حسبك»، أي: حَسْبك وحَسْب مَن اتبعك من
المؤمنين، أي: يكفيك ويكفي مَن اتبعك من المؤمنين.
فالمؤمنون أيضًا لا يتوكلون إلاَّ على الله عز وجل، والله وكيلهم وكافيهم
وحَسْبهم.
ولا يجوز عطف ﴿وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ﴾ على لفظ الجلالة؛
لأن ذلك يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم يتوكل على الله وعلى المؤمنين. وهذا لا
يجوز، بل النبي صلى الله عليه وسلم لا يتوكل إلاَّ على الله وحده.
فالعطف إنما هو على ضمير المخاطَب - وهو الكاف - في محل جر بالإضافة، أي:
حَسْبك وحَسْب مَن اتبعك من المؤمنين.
وهذا هو محل الشاهد، أن الله عز وجل هو الذي يتوكل عليه الرسول صلى الله
عليه وسلم، ويتوكل عليه المؤمنون، ولا يتوكلون على أحد غيره. فدل على عظمة التوكل،
وأنه نوع عظيم من أنواع العبادة.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2344)، وابن ماجه رقم (4164)، وأحمد رقم (205)، والطيالسي رقم (51).