وفي
الحديث: «إذا وَقَعْتُمْ في الأَمْرِ العَظِيمِ فَقُولوا: حَسْبُنَا اللَّهُ
وَنِعْمَ الوَكِيلُ» ([1]).
**********
قوله: ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ هذه كلمة عظيمة! ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ﴾ أي: كافينا دون
غيره، وتوكلنا عليه، نحن في حسبه وفي كفايته سبحانه وتعالى، وفوضنا أمرنا لله، ﴿وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ «نِعْم»: كلمة مدح، والمخصوص بالمدح
مُقَدَّر، هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم توكلوا على قادر رحيم غني كريم، فهو
كافيهم سبحانه وتعالى.
هذه الكلمة العظيمة قالها إبراهيم عليه السلام حينما أُلقِي في النار.
وذلك لما أَنكر على قومه عبادة الأصنام، ودعاهم إلى عبادة الله وحده، فلم
يمتثلوا وتمردوا، فكسر أصنامهم غَيرة لله عز وجل، وليبين لهم أن هذه الأصنام لا
تستطيع أن تدفع الضر عن نفسها، ولو كانت آلهة أو كانت تقدر على شيء لدفعت عن
نفسها، فكيف يرجون منها النفع أو الضر؟!
فبَيَّن لهم بالبرهان الواضح أنها لا تصلح للعبادة.
فلما رأوا ما فعله إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، غضبوا لأصنامهم،
وقالوا: ﴿حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ
ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ﴾ [الأنبياء: 68].
وهذه طريقة الطواغيت من أول الزمان إلى آخره، أنهم إذا أفحمتهم الحُجة التي
مع خَصمهم وعجزوا عن ردها - استخدموا القوة.
فهذا إبراهيم عليه السلام لما نهى قومه عن عبادة الأصنام، وأقام عليهم الحجة الداحضة - جمعوا له حطبًا كثيرًا، وأوقدوا فيه نارًا عظيمة،
([1]) انظر: تفسير ابن كثير (1/ 431)، وكَنز العمال (2/ 53)، والدر المنثور (2/ 390).